تعرض التاريخ الأموي للكثير من الافتراءات،ألقت بظلامها على جوانب كثيرة فيه، ولعل سبب ذلك أنه كُتِبَ في عصر العباسيين خصوم الأمويين. إلا أن الأستاذ (محمد سهيل) يتناول في هذا الكتاب العصر الأموي بشيء من الموضوعية وعدم الانحياز، وتقريب الحقيقة؛ فتحدث عن خلفاء الدولة الأموية، وتحدث بشيء من التفصيل عن عصر كل واحد من هؤلاء الخلفاء، وعن أسباب سقوط هذه الدولة.
ولد (معاوية بن أبي سفيان) في (مكة) قبل البعثة بخمسة أعوام، وأسلم يوم فتح (مكة). اتخذه النبي – صلى الله عليه وسلم - كاتبًا للوحي، روى الحديث عن (أبي بكر) و (عمر) و (عثمان)، وأخته أم المؤمنين (أم حبيبة)، وله أحاديث في الصحيحين وفي غيرهما من كتب الحديث. اشترك (معاوية) في معركة (اليمامة)، ولما بعث (أبو بكر) الجيوش إلى (الشام)، سار (معاوية) مع أخيه (يزيد)، وقد أبلى بلاًء حسنًا في فتح المدن الساحلية مثل (صيدا) و (عكَّا) وغيرهما. اكتسب (معاوية) ثقة (عمر بن الخطاب)؛ فولّاه (الأردن) كما ولَّي أخاه (يزيدًا) على (بلاد الشام). ولما تُوفي (يزيد) في طاعون (عمواس)، أضاف (عمر) لـ (معاوية) ما كان لأخيه. ولما وَلِيَ (عثمان) الخلافة ولَّي (معاوية) (بلاد الشام) كلها، ثم اسْتَقَلَّ بها بعد مقتله، ولما بُويِعَ (علي) بالخلافة، امتنع (معاوية) عن مبايعته، واتَّهمه بحماية قتلة (عثمان) في جيشه، وبايعه أهل (الشام) على المطالبة بدم (عثمان)، ومحاربة (علي) وظلَّ الخلاف محتدمًا بين الرجلين حتى قُتِل (علي) في عام 40 هـ.
تم الصلح بين (معاوية) وبين (الحسن) - الذي آلت إليه الخلافة بعد مقتل والده –، لكنه تنازل بمقتضاه لـ (معاوية) عن الخلافة، على أن يكون الأمر من بعده للشورى. وفي رواية، أن (الحسن) آثر الصلح مع (معاوية) على أن يكون الحكم لمعاوية كان حيًّا، فإذا مات فيكون (الحسين) هو الإمام. ودخل (معاوية) (الكوفة)، على إثر الصلح، وبايعه (الحسن) و (الحسين)، وأجمع عليه الناس، وسُمِّيَ ذلك العام (عام الجماعة)؛ لاجتماع الأمة فيه على خليفة واحد، باستثناء الخوارج الذين امتنعوا عن مبايعته. وبذلك قامت دولة الخلافة الأموية، وأضحى (معاوية) خليفة للأمة الإسلامية. وقد دام حكمها واحد وتسعون عامًا هجريًا، تولى الخلافة خلالها أربعة عشر خليفة، أولهم (معاوية بن أبي سفيان)، وآخرهم (مروان بن محمد الجعدي). وبذلك انتهى عصر الخلافة الراشدة وافتُتح العصر الأموي. وبُدِئ بعام الجماعة عهد جديد من عهود الحكم في الدولة الإسلامية، التي استعادت وحدتها السياسية، مع اعتلاء (معاوية) الحكم في (دمشق) التي أضحت العاصمة المركزية للدولة الجديدة.
لما مرض (معاوية) مرض الموت كان ابنه (يزيد) غائبًا عن (دمشق)؛ فاستدعى (الضحاك بن قيس) و (مسلم بن عقبة) وأدى إليهما وصيته إلى (يزيد)، ثم توفي في شهر رجب عام 60 هـ. حرص (معاوية) في حياته على تعليم ابنه التواضع، وفن التعامل مع الناس، وحرص على أن يعهد إليه ببعض الأعمال الكبيرة؛ لتربيته على العمل وإكسابه الجدية، وتعريف المسلمين به، وتهيئته للمنصب الذي كان يعده له، وهو منصب الخلافة. وعندما مات (معاوية)، بايع الناس (يزيدًا) بالخلافة، في حين تخلف عن البيعة من أهل (الحجاز) كل من (الحسين بن علي) و (عبد الله بن الزبير) اللذَيْن ذهبا إلى (مكة). وهكذا تَسَلَّم (يزيد) الخلافة في دولة واسعة الأرجاء، ومعقدة السياسة. لم يبذل جهدًا في تشييدها، وقد أقبل على الملك دون أن ينصرف نهائيًا عن لذّاته، واثقًا بأن الأمور ستجري وفق مشيئته، وكان يرى أن طاعته واجبة على الناس جميعًا؛ فمن عصى فليس له عنده إلا السيف. واجهت (يزيد) خلال مدة حكمه ثلاث قضايا على جانب كبير من الخطورة: تمثلت الأولى بخروج (الحسين بن علي) إلى (الكوفة) تلبية لدعوة أهلها ليقودهم ضد الحكم الأموي، في حين تمثلت الثانية بخروج أهل (المدينة) على حكمه، وتمثلت الثالثة بقيام (ابن الزبير) في (مكة).
خرج (الحسين) إلى (الكوفة)، على الرغم من نصيحة (عبد الله بن عباس) وغيره من المحبّين له، الحريصين على سلامته، بعدم الخروج؛ لأن السلطة فيها ما زالت أموية، بالإضافة إلى أن أهلها قوم غدر، لكن الحسين تجاهل كافة النصائح، فخرج إلى (الكوفة) في أهله وقلة من أصحابه. وفي الوقت الذي تحرك فيه (الحسين) باتجاه (العراق)، كان (عبيد الله) يضرب شيعته ويطاردهم، وعندما وصل (الحسين) إلى (كربلاء)، قابله (عمر بن سعد بن أبي وقاص) موفَدًا من قِبَلِ الوالي ومعه أوامر مشددة بحسم الوضع، وتلقى (الحسين) تعليمات بأن عليه أن يبايع (يزيدًا)؛ فأدرك عندئذ صعوبة الموقف، وعرض على (عمر) أحد الاقتراحات: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، وإما أن يضع الحسين يده في يد (يزيد) ويعرض عليه قضيته، فيرى فيه رأيه، وإما السماح له بالذهاب إلى أحد الثغور النائية للجهاد، إلا أن شروط الوالي كانت تقضي بالاستسلام الفوري من (الحسين) دون قيد أو شرط، أو قتاله، ولا مجال لحل آخر. وفي العاشر من محرم عام 61 هـ، حدث ما كان متوقعًا دون مفاجآت تذكر، وبعد معركة غير متكافئة قُتِلَ (الحسين) وقُتِلَ معه اثنان وسبعون من أتباعه، واجتُزّ رأس (الحسين) وحُمل إلى (يزيد) في (دمشق) مع نساء (الحسين) وابنه الصغير الذي نجا من المعركة.
كانت حادثة (كربلاء) هي الشرارة التي أشعلت الحرب، وقد شكّلت صدمة لأهل (الحجاز)، كما تركت آثارًا سلبية على العالم الإسلامي. وما أكثر ما تحدث المسلمون في مجالسهم عن إمعان (يزيد) في الابتعاد عن دين الله حتى أضحى خَلْعه واجبًا. وفعلًا، خرج أهل (المدينة) على حكمه. واجه الخليفة هذا الموقف في بادئ الأمر بالهدوء، ولكنه فشل في ذلك، واشتدت حملة الانتقادات الصريحة ضد الخليفة في (الحجاز) التي وصلت إلى حد التجريح في شخصه، وأعقبها موجة من السُّخط استهدفت الأمويين عامة، وانتهى الأمر بإعلان خلع (يزيد بن معاوية) في (الحجاز)، ومبايعة (عبد الله بن حنظلة الأنصاري)، واحتمى الأمويون المقيمون بـِ (الحجاز) في دار (مروان بن الحكم)، وجاء الرد على أحداث (المدينة) سريعًا من قِبَل (يزيد)؛ فأرسل (النعمان بن بشير) إلى (المدينة) ليدعو الناس إلى لزوم الجماعة، إلا أنه فشل في ذلك؛ فبعث (يزيد) جيشًا إلى (المدينة)، وأعطى قائده أوامر مشددة بأن يدعو الناس ثلاثًا فإما أن يستجيبوا وإما القتال؛ فلم يستجب أهل (المدينة)، وقاوموا مقاومة شديدة وانتهى الأمر بانتصار جيش (يزيد)، وقُتل عدد كبير من أهل (المدينة)، وتم دعوة الناجين لمبايعة (يزيد)؛ فبايع الناس ومن رفض، قُتِل.
استغل (ابن الزبير) حادثة (كربلاء)، وخروج أهل (المدينة)، والفراغ السياسي والقيادي الذي حصل بعد وفاة (معاوية)، والنقمة الشديدة على (يزيد) في العالم الإسلامي، ليقود حملة مسلّحة ضد بني أمية منطلقًا من (مكة) ليعيد الخلافة إلى منبتها الأول في (الحجاز)، وحاول (يزيد) استمالة (ابن الزبير) إلا أنه رفض؛ فأرسل له جيشًا، وبينما الحرب دائرة أتى خبر وفاة (يزيد)؛ فتوقف القتال.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان